جاء في معجم الفروق اللغوية
لأبي هلال العسكري
الفرق بين الكذب والافتراء والبهتان(3): الكذب: هو عدم مطابقة الخبر للواقع، أو(4) لاعتقاد المخبر لهما على خلاف في ذلك.والافتراء: أخص منه، لانه الكذب في حق الغير بما لا يرتضيه، بخلاف الكذب فإنه قد يكون في حق المتكلم نفسه، ولذا يقال لمن قال: (فعلت كذا ولم أفعل كذا) مع عدم صدقه في ذلك: هوكاذب، ولا يقال: هو مفتر، وكذا من مدح أحدا بما ليس فيه، يقال: إنه كاذب في وصفه، ولايقال: هو مفتر، لان في ذلك مما يرتضيه المقول فيه غالبا.وقال سبحانه حكاية عن الكفار: " افترى على الله كذبا "(1).
لزعمهم أنه أتاهم بما لا يرتضيه الله سبحانه مع نسبته إليه.وأيضا قد يحسن الكذب على بعض الوجوه، كالكذب في الحرب، وإصلاح ذات البين، وعدة الزوجة، كما وردت به الرواية، بخلاف الافتراء.وأما البهتان: فهو الكذب الذي يواجه به صاحبه على وجه المكابرة له.
قال تعالى: " وقولهم على مريم بهتانا عظيما "(2).
فإن اليهود كانوا يواجهون مريم عليها السلام بالقذف، وينسبونها إلى ما لا ينبغي من القول بالمشافهة.(اللغات).
الفرق بين الكذب والافك: أن الكذب إسم موضوع للخبر الذي لا مخبر له على ما هو به، وأصله في العربية التقصير ومنه قولهم كذب عن قرنه في الحرب إذا ترك الحملة عليه وسواء كان الكذب فاحش القبح أو غير فاحش القبح، والافك هو الكذب الفاحش القبح مثل الكذب على الله ورسوله أو على القرآن ومثل قذف المحصنة وغير ذلك مما يفحض قبحه وجاء في القرآن على هذا الوجه قال الله تعالى " ويل لكل أفاك أثيم "(3) وقوله تعالى " إن الذين جاءو بالافك عصبه منكم "(4) ويقال للرجل إذا أخبر عن كون زيد في الدار وزيد في السوق إنه كذب ولا يقال إفك حتى يكذب كذبة يفحش قبحها على ما ذكرنا وأصله في العربية الصرف وفي القرآن " أنى يؤفكون "(1) أي يصرفون عن الحق، وتسمى الرياح المؤتفكات لانها تقلب الارض فتصرفها عما عهدت عليه، وسميت ديار قوم لوط المؤتفكات لانها قلبت بهم.
الفرق بين الكذب والجحد: أن الكذب هو الخبر الذي لا مخبر له على ما هو به، والجحد إنكارك الشئ الظاهر أو إنكارك الشئ مع علمك به فليس الجحد له إلا الانكار الواقع على هذا الوجه، والكذب يكون في إنكار وغير إنكار.
الفرق بين الخرص والكذب: أن الخرص هو الحزر وليس من الكذب في شئ والخرص ما يحزر من الشئ يقال كم خرص نخلك أي كم يجئ من ثمرته وإنما أستعمل الخرص في موضع الكذب لان الخرص يجري على غير تحقيق فشبه بالكذب وأستعمل في موضعه، وأما التكذيب فالتصميم على أن الخبر كذب بالقطع عليه ونقيضه التصديق ولا تطلق صفة المكذب إلا لمن كذب بالحق لانها صفة ذم ولكن إذا قيدت فقيل مكذب بالباطل كان ذلك مستقيما وإنما صار المكذب صفة ذم وإن قيل كذب بالباطل لانه من أصل فاسد وهو الكذب فصار الذم أغلب عليه كما أن الكافر صفة ذم وإن قيل كفر بالطاغوت لانه من أصل فاسد وهو الكفر.
الفرق بين الخلف والكذب(1): قال في أدب الكاتب: الكذب فيما مضى، وهو أن تقول فعلت كذا، ولم تفعله ! والخلف لما(2) يستقبل: وهو أن تقول: سأفعل كذا ولا نفعله انتهى.
قلت: ويرشد إليه قوله تعالى: " والله يشهد إن المنافقين لكاذبون "(3).
أي فيما أخبروا به من إيمانهم فيما مضى.وقوله تعالى.
" فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله "(4).
أي فيما وعدهم بالنصر وإهلاك أعدائهم في المستقبل.(اللغات).
الفرق بين الزور والكذب والبهتان: أن الزور هو الكذب الذي قد سوي وحسن في الظاهر ليحسب أنه صدق وهو من قولك زورت الشئ إذا سويته وحسنته، وفي كلام عمر: زورت يوم السقيفة كلاما، وقيل أصله فارسي من قولهم زور وهو القوة وزورته قويته، وأما البهتان فهو مواجهة الانسان بما لم يحبه وقد بهته
الفرق بين المحال والكذب: أن المحال ما احيل من الخبر عن حقه حتى لا يصح إعتقاده ويعلم بطلانه إضطرارا مثل قولك سأقوم أمس وشربت غدا والجسم أسود أبيض في حال واحدة، والكذب هو الخبر الذي يكون مخبره على خلاف ما هو عليه ويصح إعتقاد ذلك ويعلم بطلانه إستدلالا.والمحال ليس بصدق ولا كذب، ولا يقع الكذب إلا في الخبر، وقد يكون المحال في صورة الخبر مثل قولك هو حسن قبيح من وجه واحد، وفي صورة الاستخبار مثل قولك أقدم زيد غدا، وفي صورة التمني كقولك ليتني في هذه الحال بالبصرة ومكة، وفي صورة الامر إتق زيدا أمس، وفي صورة النهي كقولك لا تلق زيدا في السنة الماضية، ويقع في النداء كقولك يا زيد بكر على أن تجعل زيدا بكرا.وخلاف المحال المستقيم وخلاف الكذب الصدق.والمحال على ضربين تجويز الممتنع وإيجابه فتجويزه قولك المقيد يجوز أن يعدو وإيجابه كقولك المقيد يعدو، والآخر مالا يفيد ممتنعا ولا غير ممتنع بوجه من الوجوه كقول القائل يكون الشئ أسود أبيض وقائما قاعدا.